لمحة عن تاريخ مدينة حماة

لمحة جغرافية:
تقع مدينة حماة,وسط سوريا, وترتفع عن سطح البحر بحوالي 330م, تبعد شمالا عن مدينة دمشق 210كم وعن حلب 160كم وعن حمص45كم وعن ساحل البحر المتوسط120كم.مناخها معتدل, بارد شتاء,معدل أمطارها السنوي حوالي 400ملم,يتميز موقعها الجغرافي ووجود نهر العاصي داخلها وحولها ,بخصوبة تربتها للزراعة, وقربها من البادية السورية,يعطيهامركزا تجاريا هاما في سوريا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا, يبلغ تعداد سكانها حاليابالمدينة حوالي نصف مليون نسمة, ومحافظتها غنية جدا بالزراعة والمراعي, لتوفر المياه غربا من نهر العاصي وتوفر الينابيع والآبار الجوفية.يدخلها نهر العاصي جنوبا من الرستن ويتجه شمالا وغربا قليلا ومن داخلها وحولها ,وبضفافه تنتشر البساتين والخضرة والأشجار المثمرة ذات الشهرة الدولية وأهمها المشمش الحموي.
لمحة تاريخية عن حضارتها:
تعد حماة وحوض نهر العاصي من المناطق التي سكنهاالبشر منذ ما يقارب من(600) ألف سنةخلت.وهي من أوائل منابت الحضارات البشرية.
أما مدينة حماة نفسها فقد بدأ السكن أول الأمر, في قلعتها,التي كانت مرتفعة وقربها على مرتفع البرناوي يوجد كهوف ماتزال موجودة إلى الآن وقد رأيتهابنفسي, وهي بيوت سكنت من زمن بعيد جدا بعصر الإنسان الحجري.
ثم أخذ السكان يهبطون, ويسكنون قرب نهر العاصي, في حي المدينة, وحي باب الجسرالقريبين ثم انتشر العمران وامتد إلى أنحاء أخرى.
توالت على حماة حروب كثيرة وجرت على أراضيها معارك طاحنة , وتعرضت في مسيرة تاريخهاالطويل إلى كوارث أخرى. سببتها الطبيعةالثائرة.
ويمكن القول: إن العصرين الذهبيين لحماة القديمة هما:
العصر الآرامي والعصر الأيوبي
فالآراميون قد طوروا الزراعة, بالإضافةإلى أن لغتهم قد أصبحت لغة الوثائق والعلوم خلال فترة طويلة من الزمن.
أما في العهد الأيوبي, فقد تقدمت حماة وازدهرت في مختلف المجالات.

تعاقب الحضارات:

حكمت حماة من قبل السومريين ( 3000-2400 ق م )ثم الآكاديين (2400-2350)ق م.
ثم العموريين(2250-1900)ق م ثم الحوريين ثم اجتاحها فرعون مصر تحوتمس الثالث(1490-1436)ق م ثم الحثيين(أقوام هندو أوربيين) موطنهم من البلقان. ثم أصبحت مملكة حماةالآرامية باسم (HAMATH).
مملكة مهمة,ثم الآشوريين ثم الكلدانيين( دولة بابل الحديثة),ثم زحف فرعون مصر نخو (612-596) ق موأثناء ضعف الآشوريين على يد الكلدانيين واستولى على كل سوريا ومن ضمنها حماة عام(607 ق م) وبعد ثلاث سنوات استردها الملك الكلداني نبو بلاسر وخلفه ابنه نبوخذ نصر (604 ق م )وولى عليها حاكما آراميا.
وقد أبدع الآراميون بالزراعة وحفر الأقنية للري وكان لهم شأن عظيم وحضارة تتصل بالفينيقيين في الساحل السوري.وعرفوا منهم الأبجدية الأولى في العالم والتي كشفت برأس شمرا شمال اللاذقية ب20كم.وهي اللغة الأم لمعظم الكتابات في الشرق والغرب. حضرت بعثة دانيمركية لحماة ونقبت عن الآثار لعدة سنوات في حماة وبالقلعة عام 1933 وأثناء الانتداب الفرنسي لسوريا,ووجدت لقى أثرية بها الخط المسماري
التصويري.
ثم اجتاحها الاسكندر المقدوني(334 ق م)مع كل سوريا ثم حكمها السلوقيون وبنى ملكهم مدينة أفاميا وسماها باسم زوجته الفارسية أباما.
ثم حكمها الرومان (83 ق م), وبنوا الجسور على العاصي, واشتهروا بأقنية الري والزراعة واستخدام النواعير( الدواليب الخشبية الكبيرة التي ترفع المياه من النهر إلى الأعلى وتعمل بقوة تدفق المياه ودفعه لأجنحة ودروج خشبية تملأ بالمياه وترتفع لتصب عاليا ,وعددها حاليا125 ناعورة) وتصب بالأقنية للري.وطور الرومان نظام الري وشقوا الأقنية,وبنوا المعابد ووجد قطع نقدية عليها صور الامبراطور الروماني ووجد لوحات من الفسيفساء كبيرة عليها رسوم رائعة الجمال منها ولادة هرقل.ورأيت إحداها بمتحف حماة.

عهد الفتح الإسلامي:

فتحها الصحابي القدير أبو عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه, عام (17 هجري 638م )وفرح أهلها للجيوش الإسلا مية ,المحررة للشعوب المضهدة بسوريامن ظلم الرومان. وبدأعهد جديد بالتسامح الديني ولم تهدم الكنائس إلى الآن.
وعندما قسمت الأجناد بعد الفتح, صارت حماة من نصيب القيسية وحمص من نصيب اليمانية, ولما حدثت معركة مرج راهط بين اليمانيين والقيسيين , وغلب اليمانيون وهم أنصار بني أمية.والقيسيون كانوا أنصار عبدالله ابن الزبير رضي الله عنه, اشتدت المشاحنات بين أهل حمص وحماة , وتجذرت إلى الأن.
ثم تعاقب عليها العباسيون وفي عام 750م حكمت من قبل الدولة الفاطمية,وثم الدولة الحمدانية ومركزها حلب بقيادة سيف الدولة الحمداني,ومر بها المتنبي ووصفها بشعره,ثم حكمها المرداسيون وفي أواخر القرن الخامس الهجري اجتاحها القرامطة وجاثوا من خلالها ,خرابا, وفسادا,وقتلا ونهباوسلبا,ثم حكمها الخوارزميون والتركمان وتبرز في هذه الفترة قبائل عربية كثيرة أبرزها: كلب-كلاب-تغلب-نمير-عقيل-عوف-اسد-قشير-شيبان-تنوخ-خفاجة.

ثم حكمها السلاجقة عام 1071م وتعرضت للهجوم الصليبي(491هجري-1096م) واستولوا على قلعة شيزر غرب حماةب60كم حيث كان بنو منقذ يحكمونها ومنهم اشتهر الأمير أسامة بن منقذ الفارس العربي المسلم والأمير البطل والشاعر والمؤرخ وصديق صلاح الدين الأيوبي, وقد تم تحريرها من قبل نور الدين محمود الزنكي, حسن الذكر رحمه الله,بعد حروب طاحنة ,وطرد الصليبيين منهاعام 1144م. وأعقبه ابنه محمودالذي أعاد ترميم أسوارها, وإصلاح قلعتها بعد الزلزال الكبير.وبنى جامع ومشفى النوري,ثم حكمها الأيوبيون من قبل أسرة أخ صلاح الدين الأيوبي البطل وأولادأخيه المظفر تقي الدين عمر ثم الأسرة التقويةوتقي الدين عمر كان ركنا للدولة الأيوبية, فقد منحه السلطان صلاح الدين بالإضافة لحماة الاسكندرية ودمياط والبحيرة والفيوم.واشتهر تقي الدين عمر بكرهه وحقده على أعداء الإسلام الصليبيين, وقاتلهم كل أفراد أسرته من بعده.
ثم الهجوم التتري657هجري بقيادة هولاكو لعنه الله,الذي اجتاحها رغم صد الملك المنصور.
ثم حكمهاالملك أبو الفداءآخر ملوك الدولة الأيوبيةولقب بالسلطان عام 719هجري,كان عالما فذا وذكيا وفلكيا,وشاعرا ومؤرخا وفيلسوفا ويحب العمران , وكانت علاقته مع السلطان قلاوون سلطان المماليك بمصر,ممتازة ووثق منه قلاوون , فاستمر عهده وأطال من عمر الدولة الأيوبية في الشام بفطنته وحنكته, وتتالت دولته بحكم أبنائه من بعده. حتى هجوم تيمور لينك الأعرج المغولي عام 803هجري 1401م. وشارك جيش حماة بمعركة عين جالوت.ثم حصلت زلازل مدمرة طالت حماة وشيزر وأرواد ثم وباء الطاعون.
وسكنها أقوام وأجناس, منهم الترك والكرد والسودانيون والجراجمة وحكمها المماليك حتى فتح السلطان سليم العثماني للشام داخلا من الشمال بعد معركة مرج دابق قرب حلب وموت آخر سلاطين المماليك قانصوه الغوري عام 1516م.وخرج أهالي حماة لاستقبال الجيش العثماني فرحين من الخلاص من ظلم المماليك بآخر عهدهم, لكنهم كانوا يعلمون أنه حكم أجنبي استبدل بحكم أجنبي.
قسم العثمانيون بلاد الشام إلى 8 سناجق وألوية ,منها لواء حماة.
واستمرت تحت الحكم العثماني حتى أتى ابراهيم باشا المصري ابن محمد علي باشا واحتلها لمدة عامين عاش أهاليها بالفوضى والفساد بعهده.ثم عادت للحكم العثماني, وبنهاية عهد الحكم العثماني و قبيل وخلال الحرب العالمية الأولى كانت سياسة الأتراك سيئة جداتجاه العرب, تتريك وظلم لكل عربي,وشنق جمال باشا السفاح بتاريخ 6 أيار 1916 عددا من رجال الدين والفكر الذين دعوا للإصلاح وللحكم العربي,وبينهم صديق والدي رحمه الله الشيخ عبد الحميد الزهراوي الحمصي, وكان خلال ذلك الوقت والدي مدرسا لعلوم الدين واللغة العريية, وشيخا يدرس في أضنة بتركيا ودرس لمدة 6 سنوات خلال الحرب العالمية الأولى ويذكر لنا ظلم الأتراك الشديد ومخاطر سفر برلك والشباب العرب الذين يخدمون بالجيش العثماني ومدى الذل الذي عانوه وكتب قصائد ومقالات رائعة بأسماء مستعارة خوفا من بطش الأتراك, منددا بالظلم والاستبداد وداعيا لتحرير العرب, وسأنقل لكم لا حقا بعض قصائده الرائعة.
دخل الجيش العربي سوريا فاتحا بقيادة الشريف حسين شريف مكة وكان حسن الذكر, فهلل له العرب ببلاد الشام, وزغردت النسوة,وبرز الأدباء والشعراء, مرحبين به, وحكم الشام ابنه الملك فيصل بدءا من عام 1918م- وعام 1919م. عين الشريف زيد والدي رحمه الله رئيسا لتحرير جريدة حلب الرسمية, واستمر والدي بكتابة المقالات والافتتاحيات والقصائد الشعرية الرائعة والمذكورة بكتاب كتب عنه( رائد نهضوي من حماة)
وكان عهدا ميمونا,ثم ظهر خداع الغرب للشريف حسين, وتسربت أخبار اتفاقية سايكس بيكو,(بين فرنسا وبريطانيا)وصدم الشريف حسين, وظهر طمع تركيا بلواء اسكندرون وهو جزء غالي وعزيز من سوريا يقع في الشمال على الساحل ويسكنه خليط من العرب والتركمان ومساحته تعادل لبنان, في ظل ضعف العرب طالبت بسلخه تركيا واعترض الشريف حسين وابنه الملك فيصل ملك سوريا, وتشكلت لجنة من الأمم المتحدة أمريكية دعيت لجنة كراين لتقصي الحقائق واجراء استفتاء لأهالي اللواء عن حبهم لمن؟
وكلف والدي باللجنة باعتباره كان مدرسا هناك بأضنة ويعرف أهالي المناطق وراح يحث العرب على ضمهم لسوريا ويشارك بالانتخاب التصويتي وطبعا تركيا الدولة الأقوى زورت الانتخابات وكان هذا عام 1919 وعاد والدي حزينا,وبعدها كانت الطامة الكبرى ألا وهي دخول الجنرال غورو الفرنسي بجيشه من لبنان وتهديده للجيش العربي الفتي بالتسليم ,وشتم يوسف العظمة وزير الدفاع خلال ذلك الوقت وما عرف بإنذار غورو المشين. و كبرياء العرب ذودا عن الحمى والعرض أبت إلا المجابهة,خرج له يوسف العظمة بجيش فتي قليل الاسلحة وواجه جيش فرنسا العتي بمعركة ميسلون واستشهد يوسف العظمة ودخل الفرنسيون دمشق, محتلين وتوجه اللعين غورو لقبر صلاح الدين الأيوبي وداس برجله على حافة قبره وقال قولته المشهورة( لقد عدنا ياصلاح الدين),وفعلا كان الاحتلال الفرنسي لسوريا امتدادا للحملات الصليبية, وتململ غضبا الشعب العربي بكل سوريا غيرة على العرض والدين والوطن, وكان رجال الدين والفكر القدوة ومصدر التحريض على العصيان والثورة ضد الاحتلال وكان علماء حماة الوطنيون في المقدمة , نشط والدي رحمه الله بقوة خلال ذلك العهد فاعتقل وسجن في سجن مزري بخان باب البلد, وكان الكومندار الفرنسي يعذبه. ولدرجة التبول(حاشاكم الله) بلفته البيضاء(القلنسوة) التي هي رمز المشايخ ورجال الدين.ومعه عدد من الوطنيين, بينهم تلميذه وزير الاقتصاد السابق بعهد حكومة عام 1954م المرحوم سعيد الزعيم و رئيس غرفة تجارة حلب سابقا. وكتب كتابا عن ثورة حماة عام 1925م به صورة والدي. وكان ذلك أثناء الثورة السورية الكبرى على فرنسا عام 1925م, وخرج من السجن بعد أربعين يوما, واستقبله تلاميذه الوطنيون والمشايخ ومنهم تلميذه بالثانوية الشرعية الشيخ المشهور محمد الحامد رحمه الله وأحسن إليه.وبعده غضب عليه الفرنسيون وسرحوه من خدمة التدريس بالثانوية التجهيز قبل تقاعده وكان عام 1937م, عانى كل أهالي حماة الظلم من الفرنسيين وثورة فوزي القاوقجي الضابط بالجيش الفرنسي الحموي ومن أصل طرابلس الشام, والمتمرد على الفرنسيين. كانت ضاربة بقوة لفرنسا.وبعدها ثورة 1945 ومعارك شرسة ثم جاء عيد الجلاء ب 17 نيسان 1946 بعد احتلال دام 26 عاما.

قول الرحالة والشعراء بحماة:

ملك حماة أبو الفداء يقول عنها بكتابه(المختصر في أخبار البشر)

(ليس بالممالك الشامية بعد دمشق لها نظير )

قال محمد كرد علي مؤسس مجمع اللغة العربية رحمه الله لأحمد شوقي الشاعر المعروف أثناء زيارتهما لحماة عام 1938م:

(إن نصف حماة شعراء), وبعد أن جلس الإثنان خلالها قال له شوقي(العجيب أن لا يكون النصف الآخر من أهل حماة شعراء)

ويقول الشيخ المؤرخ عبد الغني النابلسي واصفا لحماة وعاصيها:

ألا أيها الساري بعزم وهمة/// لنحو حماة زرت في غاية الأجر
فليست حماة في الورى غير جنة/// ألم تنظر الأنهار من تحتها تجري

وقال أيضا:

إن حماة بلدة شريفة#### ريح الصبا بها طاب مَهِبُّه
من جاءها صادف فيها ما اشتهى####وإنما حماته تحبه

ويقول الصافي النجفي:

هذي حماة مدينة سحرية ### وأنا امرؤ بجمالها مسحور
ياليت شعري ما أقول بوصفها ### وحماة شعر كلها وشعور

شكرا كتيير ع المعلومات الحلوة ..
What a Face

مية أهلا وسهلا منورة كيوت

» تاريخ مدينة حماة
» مدينة حماة:
» امثال سورية من مدينة حماة
» اثار افاميا في مدينة حماة
» وصف حماة شعر