إذا كانت عمليتي القراءة والكتابة مسيرة متواصلة من الإبداع ، يدخل في عناصرها الكاتب والقارئ في عملية تفاعل ومشاركة ، فهل يصدق على المواطن العربي أغنية :
كتبنا وما كتبنا ويا خسارة ما كتبنا
كتبنا مية مكتوب ولهل ما جاوبنا
لان المواطن القارئ في هذه العلاقة أو المعادلة أو خطي التواصل له حضور ضعيف لا يسمح بوجود علاقة سوية بين القارئ والكاتب .
ولكن إذا كان للقارئ مزاجه ، فكيف يمكن للعملية الإبداعية أن تتم عناصرها كاملة . تلك هي إذن معضلة نظريات التلقي التي تحكم تلك العلاقة .
لماذا لا يكون الكاتب صوت صديقه القارئ الإنسان في كل مكان ، خصوصا أن هموم البشر الملحة صارت تتعلق بمصيرهم المشترك وبوجودهم ذاته وليس بقضاياهم الإقليمية المتضائلة .
الم تصبح الأمور أكثر توحشا لجهة استلاب إنسانية الإنسان ومحو إرادته الحرة ومبادرته وقدرته على اتخاذ القرار .
انه مذاق القارئ يا عزيزي ، الذي يتدرج وفق عمره وإحساسه بطبيعة الأشياء التي تنمو بنمو الفرد ورغباته واندفاعاته من طفولة إلى مراهقة إلى رجولة ....ثم إلى كهولة .
هكذا تغدو لكل فترة من عمر الفرد بصمة في القراءة وأخرى في الكتابة .أما المشهد الأخير الذي يحتم أن نقول : بأنني اكتب ما أحبه وافرض على القارئ ما يناسبني وليس ما يناسبه .
وتظل معجزة الكتابة والقراءة معا مقترنة بان الكاتب هو الذي تمكن بالفعل دون سواه من قول ما تمنى الكثيرون أن يقولوه على هذا النحو الطازج المدهش ،/ إنهم قالوا مقولته ، بعد أن قالها ليعبروا بها عنه أنفسهم ويفهموا أعماقهم وأعماق العالم أكثر .